أقول : لا شك أن الوجود والماهية أمر ان معقولان ، يحكم بأحدهما على الاخر ، وكل أمرين حكم (١) بأحدهما على الاخر ، لا بد للنسبة الواقعة بينهما ـ ايجابية كانت أو سلبية ـ من كيفية من الكيفيات الثلاث : اما الوجوب أو الامتناع أو الامكان ، وهي أمور اعتبارية يعتبرها الذهن عند تصور الماهية وحمل الوجود عليها ، وليس لها تحقق في الخارج.
ويدل على ذلك وجهان عام وخاص :
أما العام : فقد ذكر المحقق الطوسي أن هذه الثلاثة صادقة على المعدوم ، فان الممتنع يصدق عليه أنه مستحيل الوجود وأنه واجب العدم. والممكن قبل وجوده يصدق عليه أنه ممكن الوجود وهو معدوم ، واذا اتصف المعدوم بها كانت عدمية ، لاستحالة اتصاف العدمي بالامر الثبوتي.
وأما الخاص فنقول : أما الوجوب فقد قال المصنف ـ قدس الله سره ـ في المناهج : الاولى أنه لاحق بالنسب ، فان قلنا بوجودها فهو وجودي ، وإلا فلا. قال شيخنا ـ دام شرفه ـ : وذلك غير لازم ، فان القائل بوجود النسب لم يدع موجبة كلية ، حتى يلزم من ذلك وجود الوجوب ، بل قد صرحوا بأن من النسبة ما يمتنع وجوده خارجا ، كالوجوب والامتناع.
واستدل المصنف هنا بما تقريره أن نقول : لو كان الوجوب موجودا في الخارج للزم اما التسلسل ، او امكان الواجب ، واللازم بقسميه باطل ، فالملزوم مثله.
بيان الملازمة : أن كل موجود خارجي : فهو اما واجب أو ممكن لما عرفت ، فالواجب حينئذ ان كان واجبا لزم التسلسل ، لان الواجب هو الذي
__________________
(١) فى «ن» : يحكم.