ذكرناها في كتاب «الاسرار» (١).
أقول : لما قرر أن الجسم مركب من الجواهر الافراد ، وكان ذلك متوقفا على ثبوت الجواهر ، افتقر الى اقاقة البرهان على ذلك وقد اختلف آراء الحكماء والمتكلمين في هذا المقام.
وتحرير القول هنا أن نقول : الجسم مركب ، وكل مركب فله أجزاء (٢) ، فالجسم له أجزاء. وأجزاؤه (٣) اما أن تكون حاصلة فيه بالقوة أو بالفعل ، وعلى كلا التقديرين اما أن تكون متناهية أو غير متناهية.
فالاقسام أربعة :
الاول : أن يكون مركبا من أجزاء موجودة فيه بالقوة ، وهو مذهب الحكماء فهو عندهم واحد في نفسه ، كما هو واحد في الحس ، الا أنه يقبل انقسامات غير متناهية.
الثاني : أنه مركب من أجزاء بالقوة ، لكنه يقبل القسمة المنتهية الى حد لا يقبل القسمة ، وهو مذهب بعض الحكماء ، وبه قال الشهرستاني.
الثالث : أنه مركب من أجزاء بالفعل غير متناهية ، وهو مذهب النظام.
الرابع : أنه مركب من أجزاء بالفعل متناهية العدد كما أن الجسم متناهي المقدار ، وكل واحد من هذه الاجزاء غير منقسم لا بحسب الخارج ولا بحسب الذهن ، لا فرضا ولا وهما.
واتفق الحكماء والنظام على عدم انتهاء الجسم في القسمة الى الجزء الذي لا يتجزى ، الا أنه عند النظام موجود بالفعل في الجسم ، وعند الحكماء
__________________
(١) وهو كتاب «الاسرار الخفية فى العلوم العقلية» كما فى الخلاصة.
(٢) فى «ن» : جزء.
(٣) فى «ن» فأجزاؤه.