في هذا البحث بأن قال : ان ادعيتم جواز الخلو في كل واحد واحد من الاجسام ، فهو ممنوع ، وجواز الخلو في البعض ان صح لا يستلزم الخلو في الكل ، لجواز أن يكون لخصوصية البعض مدخل فيه.
وان ادعيتم جواز الخلو في بعضها كالهواء ، فهو ممنوع أيضا ، لجواز أن يكون عدم الاحساس في الهواء بالرائحة لاجل امتناع خلو الحاسة عن الهواء ، ويكون ذلك مانعا من الاحساس ، فانا نشاهد من دام على مصاحبة ذي الرائحة مدة لم يحس بها ، فكيف اذا (١) دام على المصاحبة مدة العمر.
والسر في ذلك أن من شرط ادراك الحاسة للمحسوس أن لا تكون الحاسة متكيفة بكيفية ، فيمتنع الادراك لامتناع (٢) شرطه.
قلت : ويرد أيضا أن عدم الاحساس في الهواء بالاعراض المذكورة لا يقوم حجة على الاشاعرة ، فانهم جوزوا عدم الادراك وان حصلت الشرائط ، لجواز توقفه عندهم على أمر لم يحصل. فلا بد في تتميم الحجة من ابطال مذهبهم في هذا التحرير.
واحتجت الاشاعرة على قولهم هنا : بأنه كما امتنع خلوها عن الكون ، فكذا يمتنع خلوها عن اللون قياسا عليه ، وأيضا يمتنع خلوها عن الاعراض القارة بعد اتصافها بها ، فكذا قبل الاتصاف قياسا عليه.
قال المصنف : ان حجتهم ضعيفة وبيانه من وجهين :
أما الاول : فلان القياس مع وجود الجامع غير مفيد لليقين ، فكيف مع عدم الجامع ، والجامع هنا معدوم ، وأيضا فالفرق حاصل ، فالكون (٣) لا يعقل
__________________
(١) فى «ن» : من.
(٢) فى «ن» : لاجل امتناع.
(٣) فى «ن» : فان الكون.