وذهب انكساغورس وفيثاغورس (١) وسقراط وجميع الثنوية الى أن العالم بأسره قديم الذات محدث الصفات.
وأما أرباب الملل من المسلمين واليهود والنصارى فذهبوا الى أن العالم بأسره محدث الذات والصفات ، ولما كان العالم منحصرا عندهم في الاجسام والاعراض بحثوا عن حدوثهما.
وقد استدل المصنف على حدوث الاجسام ـ بمعنى أن وجودها مسبوق بالعدم سبقا بالزمان ـ بأنها لو لم يكن حادثة لكانت أزلية ، واللازم باطل فالملزوم مثله. أما الملازمة فظاهرة ، اذ لا واسطة بين الازلي والمحدث (٢). وأما بطلان اللازم فلانها لو كانت أزلية لكانت اما متحركة أو ساكنة ، واللازم بقسميه باطل ، فالملزوم مثله.
أما بيان الملازمة فلان كل جسم لا بد له من مكان ، فاما أن يكون لابثا فيه أو منتقلا عنه ، فان كان لابثا فيه فهو الساكن ، وان كان منتقلا عنه فهو المتحرك. فقد بانت الملازمة.
وأما بطلان اللازم بقسميه فنقول : أما بطلان كونه متحركا فلان الحركة عبارة عن حصول الجسم في حيز بعد أن كان في حيز آخر ، فماهيتها تستدعي المسبوقية بالغير ، فيصدق قياس هكذا من الشكل الثاني : الحركة مسبوقة بالغير ، ولا شيء من الازلي بمسبوق بالغير ، ينتج لا شيء من الحركة بأزلي. فلو كان الجسم متحركا في الازل ، لزم اجتماع الازلية والحدوث في شيء واحد ، وهو محال.
وأما بطلان كونه ساكنا فلانه لو كان الجسم في الازل ساكنا لامتنعت الحركة
__________________
(١) فى «ن» : متثاغورس.
(٢) فى «ن» : والحدوث.