المكان الثاني ممكن وغير ثابت له ، فهو كمال له حينئذ بالقوة ، وحصوله فيه لا يمكن الا بانتقاله عن المكان الاول وقطعه المسافة عنه ، وذلك الانتقال معدوم عنه ممكن له ، فهو كمال للجسم أيضا ، لكن الانتقال الذي هو الحركة أسبق الكمالين ، فانه [به] يحصل في المكان الثاني ، فالحركة اذن كمال الاول (١).
وبعض المتأخرين جعل الحركة للمعنى الثالث. وهو ضعيف ، لان زواله عن المحاذات ليس مقصود بالذات للمتحرك ، بل هو شيء يحصل بالعرض.
وثانيها : السكون وعرفه المتكلمون بأنه الحصول في حيز أكثر من زمان واحد. ان قلت : هذا انما يتم أن لو كان الزمان متجزيا وهو ممنوع. قلنا : هذا مبني على ثبوت الجزء وقد تقدم.
وأما الحكماء فقد جعلوه عدم الحركة لا مطلقا ، فان العرض لا يسمى ساكنا ، والمجرد أيضا لا يقال له ساكنا ، والمحدد لا يقال له ساكن ، بل عما من شأنه أن تتحرك ، فالتقابل بينه وبين الحركة على الاول تقابل التضاد ، وعلى الثاني العدم والملكة.
وثالثها : الاجتماع وهو حصول الجوهرين في حيزين لا يمكن أن يتخللهما ثالث.
ورابعها : الافتراق وهو حصول الجوهرين في حيزين ، بحيث يمكن أن يتخللهما ثالث.
سؤال : ان من شرط الانواع الداخلة تحت جنس واحد أن تكون متباينة ، بحيث لا يجتمع بعضها مع بعض ، كالانسان والفرس الداخلين تحت الحيوان ، والانواع هنا للكون ليست كذلك ، اذ قد تجتمع بعضها مع بعض ، فان الاجتماع يصدق مع الحركة ومع السكون وكذا الافتراق.
__________________
(١) فى «ن» : أول.