قوله «ملموستان» احتراز (١) به عن غير الملموس ، كالمبصرات والمسموعات.
قوله «متضادتان» تحترز به عن الحرارتين ، فانهما لا تتضادان ، وانما كانت الحرارة والبرودة متضادتين ، لانطباق تعريف التضاد عليهما كما سيأتي. أما المشهوري فظاهر ، اذ لا يجتمعان في محل واحد. وأما الحقيقي فانّهما كذلك مع غاية البعد بينهما ، وهذا مذهب المحققين.
وبعضهم جعل التقابل بينهما تقابل العدم والملكة ، وهو رأي من جعل البرودة عدم الحرارة ، كما يجيء بيان غلطه.
ولكلّ واحد منهما حكم لاحق بها : أمّا الحرارة : فمن حكمها جمع المتشاكلات وتفريق المختلفات ، وذلك لان من شأنها احداث الخفة والميل الصاعد للالطف فالالطف ، فاذا وردت الحرارة على الجسم المركب الذي هو غير شديد الالتحام ، كبدن الحيوان مثلا ، فانها تحلل أجزاءها وتصعدها الالطف فالالطف ، بحيث يتصل كل جزء بما يشابهه ، فقد حصل تفريق المختلفات وجمع المتشاكلات بما فلنا من الاتصال.
وأما اذا كان شديد الالتحام ، فاما أن يكون لطيفه وكثيفه قريبتين من الاعتدال لما بينهما من التجاذب والتلازم ، كما في الذهب ، فيفيد سيلانا ودورانا. أو يكون أحدهما أغلب ، فان كان الكثيف أغلب لا في الغاية أثرت تليينا ، كما في الحديد. وان كان اللطيف أغلب أثرت تصعيدا بالكلية اذا كانت قوية.
وأما البرودة : فحكمها بخلاف ذلك.
ثم الحرارة جنس لانواع كثيرة : منها الحرارة المحسوسة من النار ، ومنها الحرارة الغريزية التي هي شرط في الحياة ومناسبة لها ، واختلف فيها فقيل :
__________________
(١) فى «ن» : تحترز.