والقضايا التي قياساتها معها ، وهي قضايا يحكم بها العقل لاجل وسط لا ينفك الذهن عنه ، كالحكم بأن الاثنين نصف الاربعة ، لانه (١) عدد انقسمت الاربعة إليه والى ما يساويه ، وكل عدد انقسمت الاربعة إليه والى ما يساويه ، فهو نصف ذلك العدد.
أقول : العلم ليس ضروريا مطلقا ، لان بعضه كسبيا قطعا ، كتصور النفس ، والتصديق بوجود الواجب. وليس كسبيا مطلقا ، لان بعضه ضروريا قطعا ، كتصور الحرارة والبرودة والتصديق بأن الواحد نصف الاثنين ، فتعين أن يكون بعضه ضروريا وبعضه كسبيا.
والمراد بالضروري في باب التصورات هو ما لا يتوقف على نظر وكسب ، وفي باب التصديقات هو ما لا يفتقر بعد تصور الطرفين الى نظر وكسب ، والنظري فيهما ما يفتقر الى نظر وكسب ، كتصور الملك ووحدة الصانع.
والضروري ستة أقسام :
الاول : البديهيات : وهي قضايا يحكم بها العقل بمجرد تصور طرفيها ، أعني المحكوم عليه والمحكوم به ، كقولنا : الكل أعظم من الجزء. فانا اذا تصورنا الكل ، وهو المركب من عدة أمور ، والجزء وهو واحد من تلك الامور ، حكمنا بأن الاول أعظم من الثاني. وكالحكم بأن المقادير المتساوية لمقدار واحد ، كالذراع مثلا متساويا (٢) في أنفسها ، بأن يكون كل واحد منها ذراعا.
الثاني : المحسوسات : وهي قضايا يحكم بها العقل بواسطة الحس ، أما الحس الظاهر ، فكالحكم بان النار حارة باللمس لها ، والحكم بان الشمس مضيئة بالرؤية لها بالبصر. وسمي هذا القسم «مشاهدات» وأما الحس الباطن ،
__________________
(١) فى المطبوع من المتن : لانها.
(٢) فى «ن» : متساوية.