وتقديس الأفعال عن الآثام وصف كل غاية ، وتنزيه الأموال عن الحرام شرط كل زهد، وتصفية الأحوال عن مشاهدة الآثار حق كل واحد ، فمن قدس أفعاله نجا من عقوبته ، ومن طهر أمواله وصل إلى مثوبته : ومن قدس أحواله فاز بقربته ، والأمان من العقوبة لمن طلب النجاة ، والظفر بالمثوبة لمن ابتغى الدرجات ، والتحقق بالقربة لمن أخلص مع الله المناجاة.
فصل
أنواع من التسبيح
وبعض أهل التحقيق قال : إن التسبيح تفعيل من السبح ، والسبح فى اللغة : العوم ، فكأن المسبح يسبح بقلبه فى بحار ملكوته ، فعلى هذا القول أصحاب التسبيح مختلفون ، فالطالب يسبح بقلبه فى بحار الفكرة ، فإن تلاطمت به أمواج الشبهة وقع فى الإنكار والبدعة ، وإن سلمت سباحته عن الآفات فلم يقطع عليه الطريق داعى الكسل والفشل ، وخاطر العجز والملل ولم تسلمه هوءة سلف ، ولا محنة خلف ، ولم يسبق إلى قلبه سابق تقليد ، وأيده الله تعالى بخصائص توفيق وتسديد ، أدرك بسباحته جواهر العوم ولطائف الفهوم ، فالعالم يسبح بروحه فى بحار التعظيم وطلب أوصاف التشريف والتقديم ، فإن هبت عليه رياح الفتنة غرق فى أوشال الحظوظ ، وبقى فى أوحال النفوس ، وإن ساعدته السعادة عبر قناطر الشهوات الخفية ، وجاوز جسور الهمم الدنية وسقط عنه كل نصيب له وهجره كل قريب له ، وعجز عنه كل نسيب له ، كما قال قائلهم :
فريد عن الخلان فى كل بلدة |
|
إذا عظم المطلوب قل المساعد |
فإذا كان كذلك وصل إلى جواهر المعرفة ، والواصل منهم يسبح بسره فى