فصل : مما يؤمن الله تعالى منه :
ومما يؤمن أولياءه منه خوف الفقر ورعب لحوق الضر ، حتى يكون فارغ الكف طيب النفس ساكن السر ، يثق بموعود ربه كما يثق أرباب الغفلة بمعلوم النفس ومكاسبها.
وسأل أبا يزيد رجل عن سبب معيشته ، وكان قد صلى أبو يزيد خلفه فقال : اصبر حتى أعيد الصلاة التى صليت خلفك حيث شككت فى أرزاق المخلوقين.
وقيل لبعضهم : من أين يأكل فلان؟ فقال : من عرف خالقه لم يشك فى رازقه ، وإن خوف الفقر قرينة الكفر ، وإن حسن الثقة بالرب نتيجة الإيمان.
يحكى عن أبى بكر الكتانى أنه قال : منذ كذا سنة ما خطر ببالى ذكر الطعام حتى يقدم إلى.
وحكى عن بعضهم أنه قال : كنت أخدم الكتانى فى المدينة ، وكان يصوم ، فكنت أقدم إليه كل ليلة ما يفطر عليه وأمضى ، فكنت أرى فيه أثر الضعف والنحول ، فراقبته ليلة فجاء إنسان ووقف عليه فسأله ، فأومأ إلى الطعام ، فحمله الرجل ومضى ، فقفوت أثر الرجل وقلت له : أخبرنى عن القصة ، فقال : هذا الشيخ منذ ليال يعطينى كل ليلة رغيفين ، وكان ذلك ما أقدمه إليه ، فحملت إليه طعاما آخر وقلت : هلا قلت لى حتى أحمل إليك شيئا آخر؟ فقال : كنت أنسى كل ليلة أنى لم آكل شيئا.
* * *