منها مناه ، ولكن الفرقة قصاراه ، والنار مأواه ، والجحيم مثواه ، قال الله سبحانه : (وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) (الشورى : ٢٠).
* * *
فصل
تبارك من البركة وكيفية التبرك بها
وأما من قال : إن معنى تبارك من البركة ، وهى النفع وفيضان الخير فينبغى أن يكون نفاعا لخلقه جيدا فى قومه مشفقا على عباده ، فإن رأس المعرفة تعظيم أمر الله والشفقة على خلق الله.
وقد قيل فى تفسير قوله تعالى فى قصة يوسف صلوات الله عليه : (إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) : إنه كان يداوى المريض ويواسى الفقير ويجمع المساكين على الطعام ... إلى غير ذلك.
وليست الفتوة أن تحسن إلى من أحسن إليك لأن ذلك جزاء ومكافأة ، ولكن الفتوة أن تحسن إلى من أساء إليك بطيب نفس ، ولهذا أدب الله سبحانه وتعالى نبيهصلىاللهعليهوسلم حيث قال له : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) (الأعراف : ١٩٩) الآية ، ففى الخبر أنه سأل جبريل عليهالسلام وقال : بما ذا أمرنى ربى؟ فقال له : يقول : صل من قطعك ، واعف عمن ظلمك ، وأعط من حرمك.
وحكى أن الحسن البصرى سرق له إزار فرئي الحسن وهو فى الطواف يقول : اللهم اغفر لسارق إزارى ، ومعناه أنه لم يرد أن يصيب أحدا مكروه بسببه بوجه من الوجوه (١).