فصل : من آداب من عرف أن الملك لله تعالى :
ومن آداب من عرف أن الملك لله ، أن يثق بما يرجوه من الله ويأمله فى جميع ما ينفق فيه ويفعله ويذره ويستعمله ويكون بما بيد الله أوثق مما فى يده.
قال سهل بن عبد الله : من لمن يدبر فمولاه يدبره ، وكان الدقاق ، رحمهالله ، يقول : من آمن بالخلف لم يحتشم من التلف.
وحكى عن بعضهم أنه قيل لبعض الفقراء حين دخل عليه ولم يجد شيئا من المتاع فى داره : ليس لكم شيء؟ فقال : بلى لنا داران : أحدهما دار أمن والأخرى دار خوف ، فما يكون لنا من الأموال ندخره فى دار الأمن ، يعنى بذلك إنفاقه فى سبيل الله.
وقيل فى بعض الكتب : بشّر من ادخر ماله بحادث أو وارث.
وحكى عن بعض أهل المعرفة أنه قال : كنت أسير فى البادية مع القافلة فتقدمت الرفقة يوما ، فرأيت امرأة تمشى بين يدى القافلة فقلت : إنها ضعيفة ، فسبقت القافلة لئلا تنقطع ، وكان معى دريهمات فأخرجتها من جيبى وقلت لها : خذيها ، فإذا نزلت القافلة فاطلبينى لأجمع لك شيئا لتكترى مركوبا يحملك ، قال : فمدت يدها وقبضت شيئا من الهواء ، وإذا فى يدها دراهم فناولتنى وقالت : أخذت من الجيب وأخذنا من الغيب.
وقال بعضهم : من أمارات التوحيد والثقة بالمعبود كثرة العيال على بساط التوكل ، ومن آداب من كان واثقا بالله تعالى أن لا يحتشم من الإنفاق والبذل فى سبيل الله تحققا بأن الخلف منه تعالى مسجل ، وجميل العقبى مؤجل.
وحكى عن حاتم الأصم أنه كان صائما يوما فلما أمسى قدم إليه فطوره ، فجاء سائل فدفع ذلك إليه فحمل إليه فى الوقت طبق عليه من كل لون من