من قال إن اشتقاق اسم الله من الوله والرد عليه :
قول آخر فى اشتقاق هذا الاسم : ومن الناس من قال : إن اشتقاق هذا الاسم من الوله ، قالوا : والوله هو الطرب وهو خفة تصيب الرجل لسرور أو حزن ، وفى معناه أنشدوا :
ولهت نفس الطروب إليكم |
|
ولها حال دون طعم الطعام |
قال الأستاذ : وكان الدقاق يقول : سماع اسم الله يوجب الوله ، لأن المسمى به لا شبه له.
وهذا القول أيضا لا يصح على طريق التحديد لاستحالة وجود الطرب فى الأزل ، ولكونه إلها لمن لا يصح منه الطرب ، كما ذكرنا فى الجمادات والأعراض ، لكنه يصح فى وصفه لا على وجه التحديد كما ذكرنا ، فإن من عرف الله كان بإحدى وقتين : وقت قبض ووقت بسط ، فالقبض يوجب هيبته ، والبسط يقتضي قربته ، وفى حال الهيبة يلحقه طرب هو دهشة ، وفى حال القربة يصحبه طرب هو فرحة.
وقد حكى عن أبى حفص الصفار ، وكان كبيرا فى شأنه ، أنه قال : تهت فى البادية أياما فعطشت مرة وضعفت ، فرأيت رجلا فاتحا فاه ينظر إلى السماء ، فقلت له : ما هذه الوقفة؟ فقال : ما لك وللدخول بين المولى والعبيد ، ثم أشار بيده وقال : هو ذا الطريق ، فنحوت نحو إشارته فما مشيت إلا قليلا حتى رأيت رغيفين ، على أحدهما قطعة لحم حار ، وهناك كوز ماء ، قال : فأكلت حتى شبعت ، وشربت حتى رويت ، ثم رأيت الطريق فرجعت إليه وقلت : ما التصوف؟ فتبسم ثم قال : لائح لاح ، فاصطلم واستباح ، يعنى بذلك أنه كشف