ولقد قال يحيى بن معاذ الرازى : ولو دارت ألسنة العارفين مع الناس كما تدور قلوبهم مع الله لقال الناس : إنهم مجانين ، وعلامة صحة هذه الحالة أن لا يقع فى أحكام الشريعة تقصير فإن من لم تحفظ عليه أوقاته فى أداء ما كلف ، وإن كان مغلوبا فلنقص فى حاله.
وقيل للشبلى : ما علامة صحة ذلك فى حالك هذه؟ فقال : أن لا يجرى عليّ فى أوقات الغلبة ما يخالف الصحو.
من قال إن لفظ الإله أنه المعهود والرد عليه :
قول آخر فى معنى اسمه تعالى الله : ومن الناس من قال : إن معنى الإله أنه المعهود ، ومنهم من عبّر عنه ، فقال : هو المستحق للعبادة ، ومنهم من قال : الّذي لا تجب العبادة إلا له ، قالوا : والدليل على أنه من التأله الّذي هو التعبد ، قول الشاعر :
لله در الغانيات المده |
|
سبحن واسترجعن من تأله |
أى من تعبد.
قالوا : ولأن العرب سمت الأصنام آلهة لما عبدوها ، وهذا أيضا لا يصح من وجوه :
منها : أنه لم يزل إلها ، ولا يقال : كان فى الأزل معبودا لأن المعبود من له عابد وله عبادة ، وتقدير ذلك فى الأزل محال ، ولأن العبادة إنما تجب بأمر الله تعالى ، ولو قدرنا أنه لو لم يأمر أحدا بعبادة لكان ذلك سائغا فى وصفه ، ولو كان كذلك لم يكن إلها على قضيتهم ، ولأنه لو كان معنى الإله أنه المعبود لكان العابد بعبادته جعله إلها ، وهذا محال ، ولأنه إله من لا تصح منه العبادة كالجمادات والأعراض (١) وغير ذلك ، وهذا ظاهر ، وأما التأله فهو مشتق من
__________________
(١) مثل البياض أو السواد مثلا فى وجه الإنسان.