الإله والإله مشتق من التأله ، فالتأله هو التقرب إلى الإله ، على أن هذا المعنى صحيح فى وصفه تعالى لا على سبيل التحديد للإله ، فمن علم أنه المعبود سبحانه دون غيره أخلص فى حالته ، وصدق فى طاعته ، وصفى عن الرياء أعماله وزكى عن الإعجاب أحواله ، قال تعالى : (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ).
وقد حكى عن يحيى بن معاذ ، رحمهالله تعالى ، أنه قال : لو دخل عليك صبى لتغيرت لأجله وغيرت ظاهرك من قبله ، إن أمر الرياء لدقيق.
وحكى عن بعض المشايخ أنه قال : لو أمر بمراء إلى الجنة لالتفت هل يراه أحد.
وأما الإعجاب الّذي هو رؤية المقام واستكبار القدر والجاه واستكثار الطاعة والفعل فإنه سبب الحجاب ، ولهذا قال الشيوخ : من أعجب بنفسه حجب عن ربه ، ولو لم يكن لترك الإعجاب موجب سوى قصة إبليس حيث قال : (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ) وقصة قارون فى كثرة المال حيث خرج على قومه فى زينته ، وقصة فرعون حيث قال : (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ) لكان فى ذلك كفاية فى الزجر والمنع ، وفى بعض الكتب أن السمكة التى عليها الكون أعجبت لما أطاقت حمل الأرضين بثقلها فقيض الله تعالى لها بعوضة حتى لسعت أنفها فأصابها وجع شديد فسكنت والبعوضة بين عينيها لا تجسر أن تتحرك من خوفها (١).
__________________
(١) مثال ، والله أعلم بحقيقة الحال.