ولهذا قال المشايخ : التوحيد إسقاط الياءات ، يريدون الإضافة إلى نفسه (١).
وقيل لبعض المشايخ : ألك رب؟ فقال : أنا عبده وليس لى ملك ، فمن أنا حتى أقول لى.
فصل : فيمن تحقق بملك سيده جل جلاله :
ومن تحقق بملك سيده عاد جمال ذلك لنفسه ، بل شهد بذلك استقلال نفسه ، وفى معناه قيل :
وما ضرنا أنّا قليل وجارنا |
|
عزيز وجار الأكثرين ذليل |
وحكى عن شقيق البلخى أنه قال : كان ابتداء توبتى أنى رأيت غلاما فى سنة قحط يمرح زهوا ، والناس تعلوهم الكآبة لمقاساة الجدوبة ، فقلت له : يا هذا ، لم هذا المرح؟ أما ترى ما فيه الناس من المحن؟ فقال : ما يحق لى حزن ولسيدى قرية مملوكة يدخر منها ما أحتاج إليه ، فقلت فى نفسى : إن هذا العبد لمخلوق ولا يستوحش لأن لسيده قرية مملوكة ، فكيف يصح أن استوحش وسيدى مالك الملوك ، فانتبهت وتبت.
فصل : من عرف المالك أعتق من هواه :
وإذا ثبت أنه مالك مملك ، كما قال عز من قائل : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ) (آل عمران : ٢٦) يملك من عباده من سبقت له عنايته وحقت له فى عموم الأحوال رعايته ، فيملكه هواه ويعتقه من أسر نفسه ومناه ، ويحرره عن رق البشرية ويخلصه من رعونة الإنسانية.
وفى معناه قيل : من ملك النفس فحر ما هو ، والعبد من يملكه هواه.
وحكى أن بعض الأمراء قال لبعض الصالحين : سلنى حاجتك ، قال : أولى
__________________
(١) أى ياءات الإضافة ، كما تقول : كتابى ، ابنى ، فكل شيء لله الملك.