باب
فى معنى اسمه تعالى
٨ ـ الجبار (١)
جل جلاله
الجبار اسم من أسمائه تعالى ورد به نص القرآن ، وتكلم الناس فى معناه فمنهم من قال : هو مأخوذ من قولهم : نخلة جبار إذا فاتت الأيدى ، قاله ابن الأنبارى وغيره ، فيكون فى وصفه أنه لا تناله يد جائرة ، ولا تنازعه معارضة ، بل له العظمة والجبروت ، والعزة والملكوت ، فيكون هذا من صفات ذاته لأنه إخبار عن وجوده على وصف السمو والجلال(٢).
وقيل : الجبار هو المتكبر ، والجبروت هو المتكبر ، يقال : جبار بيّن الجبرية ، إلا أن التكبر فى وصف الخلق مذموم ، وفى وصف الله سبحانه
__________________
(١) هو الّذي تنفذ مشيئته على سبيل الإجبار فى كل أحد ولا تنفذ فيه مشيئة أحد ، والّذي لا يخرج أحد عن قبضته ، وتقصر الأيدى دون حمى حضرته ، فالجبار المطلق هو الله تعالى ، فإنه يجبر كل أحد ولا يجبره أحد ، ولا مثنوية فى حقه فى الطرفين.
(٢) المتخلق بهذه الصفة من العباد من ارتفع عن الاتباع ونال درجة الاستتباع ، وتفرد بعلو رتبته ، بحيث يجبر الخلق بهيئاته وصورته على الاقتداء به ومتابعته فى سمته وسيرته فيفيد الخلق ولا يستفيد ، ويؤثر ولا يتأثر ويستتبع ولا يتبع ، ولا يشاهده أحد إلا ويفنى عن ملاحظة نفسه ، ويصير متشوقا إليه غير ملتفت إلى ذاته ، ولا يطمع أحد فى استدراجه واستتباعه ، وإنما حظى بهذا الوصف سيد البشر صلىاللهعليهوسلم حيث قال : «لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعى ، وأنا سيد ولد آدم ولا فخر».