فصل : من آداب من علم أنه تعالى المحصى :
ومن آداب من علم أنه المحصى أن يتكلف عد آلائه لديه ، وإن علم أنه لا يحصيها ، قال الله تعالى : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها) (١) ويرعى وقته بذكر إنعامه وشكر أقسامه ، فيستوجب المزيد من عوائد إحسانه حسبما وعد من فضله وإنعامه.
رئى بعضهم يعد تسبيحاته فقيل له : يا فلان ، أتعد عليه؟ فقال : لا ، ولكن أعد له.
ويجب أن يراعى أيامه ويعد آثامه ، فيشكر جميل ما يوليه ربه ويعتذر من قبيح ما تأتيه نفسه.
يحكى عن أبى حفص أنه قال : منذ ثلاثين سنة ما أمليت على مثلى ما أستحي منه، ومنذ ثلاثين سنة ما واليت أحدا للدنيا.
ويحكى عن أبى عثمان الحيرى أنه قال : منذ أربعين سنة ما أقامنى الله فى شيء فكرهته ، وقيل العاقل الفاضل من عدت سقطاته.
فصل : ما الّذي يجب أن تحصيه على نفسك :
ومنهم من يعدد آثامه ، ومنهم من يعد أيامه فيقول ويفكر : منذ كم يوم فقد قلبه؟ أو منذ كم يوم يؤمل منه شيئا؟ فلا يجد بعد إربه ، أو منذ كم يوم بلى بحجابه أو منى ببعاده؟ وأنشد بعضهم :
الإلف لا يصبر عن إلفه |
|
أكثر مما تطرف العين |
وقد صبرنا عنكم ساعة |
|
ما هكذا بى يفعل البين |
__________________
(١) إبراهيم : ٣٤.