القشيرى وأولياء الله الصالحون
من المعروف أن مؤلف كتابنا هذا من أولياء الله تعالى ، فما علينا إذا عرفنا فى مقدماتنا هذه بأولياء الله سبحانه.
من المعلوم أن الله تعالى قد اختار من خلقه عبادا أفاض عليهم من نوره ورباهم على عينه ، فكان هو بصرهم الّذي يبصرون به ، وكان فى قوتهم التى يبطشون بها ، وكان مع مقاصدهم التى يتوجهون بكل خير إليها.
عبدى كن ربانيا تقل للشيء كن فيكون.
فقد اختار الله سبحانه وتعالى من عباده عبادا جعلهم له أولياء ، ولجنابه أصفياء ، وعنده أحباء ، آمنهم من خوف العباد فى الدنيا ، وجنّبهم الرعب والرهبة فى العقبى يوم القيامة.
فهم أولياء الله تعالى.
(أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٦٢) (يونس).
والله تعالى وليهم أيضا.
(اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) (البقرة : ٢٥٧).
هذه البشارة وهذا الوعد نتيجة لأعمالهم الطيبة ، أحبوا الله فأحبهم الله ، أو أن الله أحبهم فوفقهم فأحبوه ، فلا يفعلون إلا ما يرضيه تعالى.
ويا سعد من أحبهم الله فجعلهم من خلصائه ، فلا يخاف عليهم من لحوق مكروه ، ولا يحزنون من فوت مطلوب ، فهم يعبدون الله تعالى لا رغبة فى جنة ، ولا رهبة من نار ، وإنما هو الحب المتبادل والرغبة فى جواره تعالى فى الآخرة ، وأقصى ما يرغبون فيه هو التمتع بالنظر إلى وجهه الكريم ، جل وعلا ،