إذ هم ليسوا من المحجوبين الذين قال الرب الجليل فيهم : (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) (١٥) (المطففين).
وعلى الرغم من أعمالهم الطيبة هذه فهم متصفون بالخوف فى الجملة ، حتى لو كانت إحدى قدميهم فى الجنة والأخرى خارجها ، فهم بين الرجاء والخوف غير آيسين ولا آمنين ، يخشون ما قدمت أيديهم ويرجون عفو الله.
وقد عرّف الله تعالى هؤلاء الأولياء وأبان عن حليتهم بأنهم : الذين آمنوا بالله أولا ، ورسله والملائكة والنبيين وباليوم الآخر وما فيه ، وآمنوا بالقدر خيره وشره ، بل هم المؤمنون بكل ما جاء به رسول الله صلىاللهعليهوسلم من العزيز الحكيم.
هم الذين اتقوا الله حق تقاته بتنزههم عن كل ما يشغل سرهم عن الحق تعالى والتبتل والرجوع فى كل أعمالهم إليه.
بهذا يحصل الشهود والحضور والقرب ، وهذا هو حال سيد الخلق محمد صلىاللهعليهوسلم وصحابته الأكرمين ، وأولياء الله المخلصين على الدين القويم.
ذلك أن الشأن فى التبتل والعبادة والتقرب والتنزه درجات متفاوتة حسب درجات العباد واستعداداتهم الروحية ، وأقصى تلك الدرجات ما انتهت إليه همم الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ حتى جمعوا بذلك بين رئاسة النبوة ونعمة الرسالة مع منصب الولاية.
وأقل ما يفعله المؤمن ليكون وليا صالحا أن يتقرب إلى الله تعالى بالفرائض ، مؤديها بأركانها وآدابها ، مع القيام بالسنن والنوافل وامتثال الأوامر مع اجتناب النواهى ، فلا يفتقدك الله ورسوله حيث أمراك ، ولا يجداك فى أمر قد نهيناك عنه.
هؤلاء هم أولياء الله.