باب
فى معنى اسميه تعالى
٧١ ، ٧٢ ـ المقدم (١) المؤخر (٢)
جل جلاله
هما اسمان من أسمائه تعالى ورد بهما الخبر ، ومعناهما تقديمه بعض الأفعال على بعض، وتأخير بعض الأفعال عن بعض ، إما فى الوقت وإما فى الرتبة ، لأنه قدم بعض أفعاله على بعض ، وأخر بعضها عن بعض ، وذلك من دلالات إرادته ، لأن الطريق الّذي به يعرف أنه مريد قاصد جل جلاله ترتيب أفعاله فى الوجود وتخصيصها ببعض الأحكام الجائزة دون بعض ، فعلم أنه لو لا قصد قاصد قدم المتقدم وأخر المتأخر وإلا لم يكن تخصيصها ببعض الأحكام أولى من تخصيصها بغيرها ، وكذلك أفعاله متقدمة بعضها على بعض ، فى المعنى والرتبة ، فدل على رفعه لبعض وخفضه لبعض ، وإعزازه لقوم وإذلاله لقوم ، فطائفة قدمهم لطاعته وعبادته ، وطائفة أخرهم لماضى إرادته ونافذ مشيئته ، قال الله تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ) (٣) وأن
__________________
(١) المقدم : هو الّذي يقدم الأشياء فيضع كل شيء فى موضعه الصحيح ، فيقدم العالم على الجاهل ، ويقدم الطائع على العاصى ، والتقى على الفاجر.
(٢) المؤخر : هو الّذي يؤخر الأشياء إلى أزمانها وأماكنها ، فهو المؤخر عقاب المذنبين ليتوبوا ، ويؤخر عذاب المشركين والكفار إلى أجل مسمى ، وهو الّذي يؤخر الأخذ للظالم حتى إذا أخذه يكون أخذ عزيز مقتدر.
(٣) الحجر : ٢٤.