باب
فى معنى اسمه تعالى
٦ ـ المهيمن (١)
جل جلاله
اعلم أن المهيمن اسم من أسمائه تعالى ، نزل به نص القرآن فى قوله : (الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ) واختلفوا فى معناه ، فقال بعضهم : إنه بمعنى الرقيب الحافظ ، وقيل هو الأمين ، وقال الكسائى : هو : الشهيد ، وقال المبرد : أصله المؤيمن ، ثم قلبت الهمزة هاء ، كما قالوا : أرقت الماء وهرقته ، وإياك وهياك ، وأرجت وهرجت ، وبابه ، وعلى هذا التأويل فهو بمعنى المؤمن فذكر على
__________________
(١) معناه فى حق الله تعالى أنه القائم على خلقه بأعمالهم وأرزاقهم وآجالهم ، وإنما قيامه عليهم باطلاعه واستيلائه وحفظه ، وكل مشرف على كنه الأمر مستول عليه حافظ له فهو مهيمن عليه ، والإشراف يرجع إلى العلم والاستيلاء إلى كمال القدرة والحفظ إلى العقل ، فالجامع بين هذه المعانى اسمه المهيمن ، ولن يجمع ذلك على الإطلاق والكمال إلا الله تعالى ، ولذلك قيل : إنه من أسماء الله تعالى فى الكتب القديمة.
وقال بعض المشايخ : المهيمن من كان على الأسرار رقيبا ، ومن الأرواح قريبا ، قال تعالى : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ) (التوبة : ٧٨) وقيل : المهيمن الّذي يشهد خواطرك ، ويعلم سرائرك ، وينصر ظاهرك ، وقيل : المهيمن الّذي يقبل من رجع إليه بصدق الطوية ، ويدفع عن نفسه الغضب والبلية ، وقيل : المهيمن الّذي يعلم السر والنجوى ويسمع الشكر والشكوى ويدفع الضر والبلوى.