الحيرة عن الإحاطة بصمديته ، كيف لا ، وهو مستحق لنعت سرمديته ، متوحد بتقدم أزليته، وكلّت الأبصار عند رؤيته عن إدراك حقيقته ، ولم لا والجبروت حقه باستحقاق الملكوت عينه وذاته.
ومن آداب من عرف هذا الاسم أن يطهر نفسه عن متابعة الشهوات ، وماله عن الحرام والشبهات ، ووقته عن دنس المخالفات ، وقلبه عن كدورة الغفلات ، وروحه عن المضاجعات والمساكنات ، وسره عن الملاحظات والالتفاتات ، فلا يتذلل لمخلوق بالنفس التى بها عبده ، ولا يعظم مخلوقا بالقلب الّذي به شهده ، ولا يبالى بما فقده بعد ما ووجده ، ولا يرجع قبل الوصول إليه بعد ما قصده ، فهو من الأعراض والأدناس متصاون ، وبما يفوته من الأغراض وصحبة الأجناس متهاون ، به يقول إذا قال ، وبه يصول إذا صال ، دلت نجوم عقله على ثبوت وجوده ، وأضاءت أقمار علومه بتحقق نعت شهوده ، وطلعت شموس معارفه فأذنت بفنائه وخموده ، تفرد عند أفعاله عن دعواه ، وتجرد فى عموم أحواله عن متابعة هواه ، وأثر فى جميع أوقاته متابعة رضاه.
فصل : آداب من عرف اسمه تعالى القدوس :
ومن آداب من عرف أنه القدوس أن تسمو همته إلى أن يطهره الحق سبحانه من عيوبه وآفاته ، ويقدسه عن دنس عاهاته فى جميع حالاته ، فيحتال فى تصفية قلبه عن كدوراته ، ويرجع إلى الله تعالى بحسن الاستجابة فى جميع أوقاته ، فإن من طهر لله لسانه عن الغيبة طهر الله قلبه عن الغيبة ، ومن طهر لله طرفه عن النظر بالريبة طهر الله سره عن الحجبة.
حكى عن إبراهيم بن أدهم ، رحمهالله : أنه مر بسكران مطروح على قارعة الطريق ، وقد تقايأ ، فنظر إليه وقال : بأى شيء أصابته هذه الآفة ، وقد ذكر الله بهذا الفم ، فغسل فه ، فلما أن أفاق السكران أخبر بما فعله إبراهيم بن أدهم