ومن حميد سنته وجميل فضله وعادته أنه إذا تغير لعبد وقت أو تلون له حال أو خانه زمان أنس استبدل غيبته بوصال يجدد أيامه الدارسة ويعيد عليه أوقاته الذاهبة ، كما قيل :
لئن درست آثار ما كان بيننا |
|
من الوصل ما شوقى إليك بدارس |
وما أنا من يجمع الله بيننا |
|
كأحسن ما كنا عليه بآيس |
وأنشدوا :
أؤمل عطف الدهر بعد انصرافه |
|
فيا أملى فى الدهر هل أنت كائن |
فصل : هل للأوقات بدل :
وذهب جماعة من المشايخ إلى أن الأوقات ليس لها بدل ، وأن من فاته وقت فلا يكون له إليه وصول ، وأنشدوا :
فخل سبيل العين ويحك للبكا |
|
فليس لأيام الشباب رجوع |
سمعت الدقاق يقول : تمادى بكاء داود عليهالسلام فأوحى الله إليه : إلى كم تبكى؟ إن كان هذا البكاء من خوف النار فقد أمنتك ، وإن كان لطلب الجنة فقد بشرتك ، وإن كان لذنب الخصم فقد أرضيته ، فزاد داود فى البكاء وقال : إنما أبكى لما فاتنى من صفاء ذلك الوقت ، فرد عليّ ذلك الوقت ، فأوحى الله إليه : هيهات يا داود ، لا سبيل إلى ذلك ، فإن شئت فابك ، وإن شئت فاسكت ، فقال داود : الآن طاب البكاء.