باب
فى معنى اسمه تعالى
٧ ـ العزيز (١)
جل جلاله
العزيز اسم من أسمائه تعالى ورد به القرآن والأخبار الصحيحة وأجمعت الأمة عليه ، وتكلموا فى معناه فقال بعضهم : معناه : الغالب الّذي لا يغلب ، والقاهر الّذي لا يقهر ، يقال : عز يعز إذا غلب ، بضم العين فى المستقبل ، قال الله تعالى : (وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ) (٢) أى غلبنى ، وفى المثل : من عز بز (٣) ،
__________________
(١) هو الخطير الّذي يقل وجود مثله ، وتشتد الحاجة إليه ، ويصعب الوصول إليه ، فما لم تجتمع له هذه المعانى الثلاثة لم يطلق عليه اسم العزيز ، فكم من شيء يقل وجوده ولكن لم يعظم خطره ولم يكثر نفعه لم يسم عزيزا ، وكم من شيء يعظم خطره ويكثر نفعه ولا يوجد نظيره ولا يصعب الوصول إليه لم يسم عزيزا ، كالشمس مثلا ، فإنها لا نظير لها ، والأرض كذلك ، والنفع عظيم فى كل واحد منهما والحاجة شديدة إليهما ، ولكن لا يوصفان بالعزة لأنه لا يصعب الوصول إلى مشاهدتهما ، فلا بد من اجتماع المعانى الثلاثة ، ثم لكل واحد من المعانى الثلاثة كمال ونقصان ، فالكمال فى قلة الوجود أن يرجع إلى واحد ، إذ لا أقل من الواحد ، ويكون بحيث يستحيل وجود مثله ، وليس هو إلا الله تعالى ، فإن الشمس وإن كانت واحدة فى الوجود فليست واحدة فى الإمكان ، فيمكن وجود مثلها فى الكمال والنفاسة ، وشدة الحاجة أن يحتاج إليه كل شيء فى كل شيء حتى فى وجوده وبقائه وصفاته ، وليس ذلك على الكمال إلا لله تعالى ، فلا يعرف الله تعالى إلا الله تعالى ، فهو العزيز المطلق الحق لا يوازيه فيه غيره.
(٢) ص : ٢٣.
(٣) بز بمعنى غلب ، ومعنى المثل هنا : من غلب على خصمه فى الحرب سلبه.