قادرا استحالة الوصف له بأن يكون عاجزا ، ووجود أفعاله أيضا تدل على قدرته.
ومن عرف أنه قادر على الكمال خشى سطوات عقوبته عند ارتكاب مخالفته ، وأمّل لطائف رحمته ، وزوائد رحمته سؤاله ، وحاجته لا بوسيلة طاعته بل بابتداء كرمه ومنته ، وكذلك من عرف أن مولاه قدير سكن عن الانتقام ثقة بأن صنع الحق له وانتصاره له أتم من انتقامه لنفسه.
يحكى أن الله تعالى أوحى إلى يعقوب عليهالسلام وقال : تدرى لم فرقت بينك وبين يوسف كذا وكذا سنة؟ لأنك اشتريت جارية لها ولد ففرقت بينهما فى البيع ، فلما لم يصل ولدها إليها لم أوصل إليك يوسف.
بين بهذا أن تلك المملوكة وإن لم يكن لها يد نظر لها الحق سبحانه وإن كان الحكم على نبى من الأنبياء ، صلوات الله عليهم أجمعين ، ولهذا قيل : احذروا من لا ناصر له إلا الله تعالى (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) (١).
فصل : من عرف أنه تعالى كريم :
ومن عرف أنه كريم علم أنه يقدر ولكنه يعفو ويحلم ، ويبصر ولكنه يصبر.
روى أن حملة العرش ثمانية : أربعة تسبيحهم : سبحان الله عدد حلمه بعد علمه ، وأربعة تسبيحهم : سبحان الله عدد عفوه بعد قدرته.
فصل : من جميل صنع الله وكريم نظره تعالى :
وأنه بجميل صنعه وكريم نظره يؤوى عبده إلى كهف رحمته فيعصمه عما يشتهى برحمته ويعينه على ما يحتاج إليه بقدرته ، فمرة ينبهه لما فيه نجاته ، ومرة يوفقه لما فيه درجاته ، ومرة يؤهله لما يتحقق به قربه ومناجاته.
__________________
(١) البروج : ١٢.