فصل
القول الصحيح فى معنى اسمه تعالى (الله) جل جلاله :
فإن قيل : فما الّذي يصح فى معنى هذا الاسم إذا لم يصح ما ذكرتم من الأقاويل؟.
قلت : قد اختلفت أقاويل أهل الحق فى ذلك ، والكل متقارب يرجع إلى معنى واحد ، فمنهم من قال : الإله من له الألوهية ، والألوهية القدرة على الاختراع ، ومنهم من قال : هو المستحق لأوصاف العلو والرفعة ، ومنهم من قال : هو من له الخلق والأمر ، وذلك لأنّا وجدنا أهل اللغة أطلقوا هذه اللفظة على من اعتقدوا فيه معنى استحقاق التعظيم ، فعلمنا بإطلاقهم أنها لفظة موضوعة لمن يستحق ما لأجله يصح أن يعظم ، فكانوا مصيبين فى التسمية مخطئين فى التعيين.
وأمثال هذا كثير كإطلاقهم لفظ الحسن والقبح على شيء معلوم فى الجملة ثم أخطئوا فى الحكم لبعض الأشياء بأنها حسنة وأنها قبيحة على التعيين ، ولهذا نظائر كثيرة ، فمن عرف علوه سبحانه وقدره وتحقق رفعته ومجده فأمارة صحته سقوط قدر الأغيار من قلبه ، كما قيل : إذا عظم الرب فى القلب صغر الخلق فى العين ، وقيل : المعرفة حقر الأقدار سوى قدره ، ومحو الأذكار سوى ذكره ، وصفة من كان بهذا الوصف أن لا تأخذه فى الله لومة لائم ، فيكون بحق الله قائما ، وبالحق ناطقا ، وفى دين الله قويا ، وعن الأغيار بتعظيم السر بريا ، فإن أفضل الأعمال كلمة حق عند من يخاف ويرجى (١).
__________________
(١) كلمة حق عند سلطان جائر.