فصل
«من عرف اسم ربه نسى اسم نفسه»
بل من صحب اسم ربه تحقق بروح أنسه ، قبل وصوله إلى دار قدسه ، بل من عرف ربه سمت رتبته ، وعلت فى الدارين منزلته ، بل من عرف اسم ربه وسم بكى حسرته لما منى به من طلبته وحيل بينه وبين مقصوده لجلالة قدره وعزته.
(وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى)
فصل : من عرف أسماء الله تعالى حسن اسمه فى الدنيا والآخرة ، وجاء فى الحكاية أن بشرا الحافى كان فى بداية أمره من الشطار (١) ، فرأى يوما من الأيام قطعة من قرطاس عليها اسم الله مكتوب فأخذ القرطاس ونظفه واشترى بدرهم طيبا فطيبه ، ثم نام فرأى فيما يرى النائم كأن قائلا يقول له : يا بشر طيبت اسمى ، فو عزّتي وجلالى لأطيبن اسمك فى الدنيا والآخرة ، فإلى يوم القيامة يقولون : بشر الحافى ، كم من غنى كان لا يمشى إلا راكبا ويستنكف أن يكون حافيا مات اسمه بموته ، وهذا كان فقيرا حافيا بقى على الأحقاب ذكره ، ليعلم العاملون أنه لا يخسر أحد على الله ولا يضيع عمل عند الله.
وقيل لبشر : لم تمشى حافيا؟ فقال : الأرض بساطه ، وأنا أكره أن أباشر بساطه بواسطة بينه وبين قدمى.
وقيل : لم يخرج أحد من الدنيا كما دخل فيها مثل بشر ، فإنه كان عليه
__________________
(١) أى : قاطع طريق.