وكل من أغرق فى نعته |
|
أصبح منسوبا إلى العى |
قال سيد الأولين والآخرين وخطيب المرسلين صلوات الله عليه وعلى آله أجمعين ، بعد ما بالغ فى ثنائه سبحانه وتعالى ونعت كبريائه : لا أحصى ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك.
فصل : آداب من عرف أنه العزيز جل جلاله :
ومن آداب من عرف أنه العزيز أن لا يعتقد لمخلوق إجلالا (١) ، ولهذا قالوا : المعرفة حقر الأقدار سوى قدره ، ومحو الأذكار سوى ذكره ، وقال صلىاللهعليهوسلم : «من تواضع لغنى لأجل غناه ذهب ثلثا دينه».
سمعت الدقاق يقول : إنما قال : «ذهب ثلثا دينه» لأن المرء بثلاثة أشياء : قلبه ، ولسانه ، وبدنه ، فإذا تواضع بلسانه وبدنه ذهب ثلثا دينه ، فلو اعتقد بقلبه ما حصل منه لسانه وبدنه للغنى لأجل غناه من التواضع لذهب دينه كله ، وقيل : إذا عظم الرب فى القلب صغر الخلق فى العين.
__________________
(١) والعزيز من العباد من يحتاج إليه عباد الله تعالى فى أهم أمورهم ، وهى الحياة الأخروية والسعادة الأبدية ، وذلك مما يقل ـ لا محالة ـ وجوده ويصعب إدراكه ، وهذه رتبة الأنبياء ، صلوات الله عليهم ، ويشاركه فى العز من يتفرد بالقرب من درجتهم فى عصره كالخلفاء الراشدين وورثتهم من العلماء ، وعن كل واحد منهم بقدر علو مرتبته عن سهولة النيل والمشاركة ، وبقدر عنائه من إرشاد الخلق.