فخجل الرجل وتاب وحسنت توبته ، فرأى إبراهيم بن أدهم فيما يرى النائم كأن قائلا يقول: غسلت فمه لأجلنا ، فلا جرم طهرنا لأجلك قلبه.
وفى الأخبار عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «نظفوا أفواهكم فإنها مجارى القرآن» وروى عنه صلىاللهعليهوسلم أنه قالك «بنى الإسلام على النظافة».
فصل : العابدون والزاهدون والعارفون :
واعلم أن الحق سبحانه يطهر نفوس العابدين بحسن تأييده عن دنس المخالفات ، واتباع الهوى ، ويطهر قلوب الزاهدين بيمن التسديد عن الرغبة فى الدنيا واستشعار المنى ، ويطهر أسرار العارفين بنور توحيده عما سوى المولى ، فالعابدون متصفون بطاعة الله مقبلون على عبادة الله ، محترقون باستشعار الخلوص فى تقوى الله ، والزاهدون مقيمون على الاكتفاء بوعد الله معرضون عما يوجب التهمة فى ضمان الله ، والعارفون إن قاموا قاموا بالله ، وإن نطقوا نطقوا بالله ، وإن سكتوا سكتوا بالله ، فكيفما دارت أوقاتهم وتصرفت أحوالهم ، الغالب على قلوبهم ذكر الله ، لاح لأسرارهم منه علم فطاح عن إحساسهم (١) كل وصم ، أذاقنا الله مما أذاقهم شمة ، إنه ولى كل نعمة.
__________________
(١) أى : ذهب فلم يحسوا.