أمسيت قمت وصليت ، فلما فرغت من الصلاة دعوت عليه ، فهتف بى هاتف : لا تدع عليه فإن الفتى من أولياء الله ، قال : فلما أصبحت جئت باب داره ودققته عليه ، فلما خرج ورآنى ظن أنى جئت لأخرجه من المحلة فقال كالمعتذر ، فقلت : ما جئت لذلك ، ولكن رأيت كذا وكذا ، قال : فوقع عليه البكا وقال : إنى تبت بعد ما كان هذا ، قال : وخرج من البلد ولم أره بعد ذلك ، قال : فاتفق أنى خرجت إلى الحج فرأيت فى المسجد الحرام حلقة فتقدمت إليهم فرأيت ذلك الشاب عليلا مطروحا ، قال : فلم ألبث حتى قالوا : قضى الشاب ، رحمهالله.
فصل : يلذ حلمه لرجاء عفوه :
وإنما يلذ حلمه لرجاء عفوه ، لأنه إذا ستر فى الحال بفضله فالمأمول منه أن يعفو فى المآل بلطفه.
وفى بعض الحكايات أن بعضهم رئى فى المنام فقيل له : ما فعل الله بك؟ فقال : أعطانى كتابى بيمينى فمررت بزلة استحييت أن أقرأها ، فقال : لا بد من قراءتها ، فقلت : إلهى ، لا تفضحنى ، فقال : حين عملتها ولم تستح لم أفضحك ، أفأفضحك وأنت تستحى.
ومن حلمه أنه لا يستفزه عصيان العاصين ، ولا يحمله على سرعة الانتقام تهتك الخاطئين ، فيحلم حتى يظن الجاهل أنه ليس يعلم ، ويستر حتى يتوهم الغمر (١) أنه ليس يبصر.
__________________
(١) الغمر : هو الّذي ليس له تجارب فى أمور الحياة ، يقصد هنا الجاهل بالله تعالى.