الحكم وتعلقت به الإرادة والعلم ، وأنه تعالى إذا أخر العقوبة عن المستحقين فبفضل منه سبحانه يخصهم به.
حكى أن إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام لما رأى ملكوت السماوات والأرض رأى عاصيا يعمل معصية فقال : اللهم أهلكه ، فأهلكه الله ، فرأى إنسانا آخر يعصى فقال: اللهم أهلكه ، فأهلكه الله ، فرأى ثالثا يعصى فقال : اللهم أهلكه ، فأهلكه الله ، فرأى رابعا يعصى فقال مثل ذلك ، فأوحى الله إليه : كف يا إبراهيم ، فلو أهلكنا كل عاص رأيناه لم نبق منهم أحدا ، ولكنا بحلمنا لا نعذبهم ، فإما أن يتوبوا وإما أن يصروا فلا يفوتنا شيء.
وحكى أن رجلا قال لبعض الأنبياء : كم أخالفه وأعصيه ولا يعاقبنى ، فأوحى الله إلى ذلك النبي : قل لفلان : ذلك لتعلم أنى أنا ، وأنت أنت.
وقد يكون من معلوم الله تعالى من أحوال بعض العصاة أنه يتوب ويحسن حاله فيحلم عنه فى الوقت ، لأنه يعلم أنه يصير من جملة أوليائه فى مآله.
وأنشدوا :
إذا فسد الإنسان بعد صلاحه |
|
فرج له عود الصلاح لعله |
يحكى عن مالك بن دينار أنه قال : كان لى جار مسرف على نفسه ، وكان يتعاطى الفواحش ، وتبرم به الجيران فأتونى شاكين به متظلمين منه ، فأحضرناه وقلنا له : إن هؤلاء الجيران يشكونك فسبيلك أن تخرج من المحلة ، فقال : أنا فى منزلى لا أخرج ، فقلنا تبيع دارك ، فقال : لا أبيع ملكى ولا يمكنكم أن تخرجونى منه ، فقلت : نشكوك إلى السلطان ، فقال إن السلطان يعرفنى وأنا من أعوانه ، فقلت ندعو الله عليك ، فقال : الله أرحم بى منكم ، فغاظنى ذلك ، فلما