باب
فى معنى قوله تعالى
(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)
هذه السورة مكية بإجماع ، ويقال : إنها أول سورة نزلت ، وذلك أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم أول ما رأى من تباشير المعجزات أنه كان ينقل الحجارة مع عمه أبى طالب والناس لرمة البيت الحرام ولزمزم ، فغشى عليه ، وكان متجردا عن ثيابه ، فلما أفاق سأله عمه أبو طالب عن حاله فقال : رأيت شخصا أشار إلى أن استتر ، فما رئيت عورته صلىاللهعليهوسلم بعد ذلك ، ثم أوحى الله إليه بعد ذلك بسنين كثيرة.
وكان يرى فى الابتداء الرؤيا فيصدق جميعها كفلق الصبح ، ثم حببت إليه الخلوة ، فكان يتحنث فى حراء كل سنة شهرا ، على عادة العرب ، إلى سنة الوحى فتعرض له الملك وقال : أنت رسول الله ، فذعر منه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ودخل بيت خديجة وقال : زملونى زملونى ، ثم إنه بدا له الملك ثانيا فكاد يلقى نفسه من حالق جبل ، وهمّ بذلك ، فظهر له جبريل ، عليهالسلام ، قاعدا على كرسى فى الهواء ، فى رواية ، وقال له : أنا جبريل ، رسول الله إليك ، ثم قال له : اقرأ ، فقال : ما أنا بقارئ! فقال : اقرأ ، ففى الخبر عنه صلىاللهعليهوسلم أنه قال : فغتنى جبريل ، عليهالسلام ، أى ضغطنى ، ويشبه أن يكون مثل غطنى ، وفى الحديث فى صفة أهل النار أن يغتهم غتا ، أى يغمسهم غمسا ، ثم قال جبريل ، عليهالسلام : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) إلى قوله : (ما لَمْ يَعْلَمْ).