فصل
الفضل والإحسان من صاحب الفضل والإحسان
ويجب على من قال : إن معنى تبارك من البركة أن لا يرى الإحسان إلا من الله ويعرف أن الله تعالى إذا أعطى أسبغ ، وإذا نول مولى ، وإذا بذل أوسع.
وقد قيل : إن الكريم إذا صفح عن مجرم عفا عن كل من كان له سميّا ، وتجاوز عن كل من تعاطى مثل ما عفا عنه.
وقد حكى أن بعض أسخياء العرب كان جالسا فى أصحابه ففتح له بمملوك فقال : إن فى الخبر : «جلساؤكم شركاؤكم» فاستبشارى بهذا لا يجمل وتخصيص بعضكم به أيضا لا يحسن ، لأنكم كلكم إخوان ، وقسمته عليكم لا تمكن ، فعدهم فبلغوا ثمانين فأمر حتى اشترى لكل واحد منهم جارية أو غلاما.
وقد أنشدوا :
نحن فى المشتاة ندعو الجفلى |
|
لا ترى الآدب فينا ينتقر |
وأما معنى قوله : (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ) فمن قال إن الاسم هو المسمى فله فى الآية تعلق لأن الموصوف بأنه تبارك هو الله تعالى : ومن لم يقل : إن الاسم هو المسمى قال : إن الاسم هنا صلة.
وأما معنى قوله : (ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) فالإخبار عن الجلال يوجب محو العبد عن وصفه ، وسماع لإكرام يوجب محوه ، بشهود لطفه ، فقائل هذا اللفظ ومستمعه متردد بين عيش وبين طيش ، وبين سرور وبين ثبور ، وبين قبض وبين بسط.
وسنذكر إن شاء الله تعالى فى معناه قدر ما يوفق الله تعالى إليه إذا انتهينا إلى موضعه فى ترتيب الأسماء وبالله التوفيق.