باب
فى معنى قوله تعالى
(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) (١)
هذه السورة مكية بلا خلاف ومعنى التسبيح التنزيه وهو إبعاد الله عن السوء مما لا يليق بوصفه من الآفات والنقائص كذلك قال أهل التفسير وأهل اللغة ، وجاء لفظ التسبيح فى القرآن والمراد به الصلاة مثل قوله تعالى (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) (الطور : ٤٨) (وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ) (آل عمران : ٤١).
__________________
حقيقة الاسم والمسمى والتسمية
المشهور من قول أهل الحق رحمهمالله تعالى : أن الاسم نفس المسمى وغير التسمية ، وقالت المعتزلة : إنه غير التسمية وغير المسمى ، واختار الشيخ الغزالى رضى الله عنه أن الاسم والمسمى والتسمية أمور ثلاثة متباينة.
واعلم أن القول بأن الاسم نفس المسمى أو غيره لا بد وأن يكون مسبوقا ببيان أن الاسم ما هو؟ وأن المسمى ما هو؟ وأن التسمية ما هى؟ فإن كل تصديق لا بد وأن يكون مسبوقا بتصور ماهية المحكوم عليه والمحكوم به.
فنقول : إن كان الاسم عبارة عن اللفظ الدال على الشيء بالوضع وكان المسمى عبارة عن نفس ذلك الشيء فالعلم الضرورى حاصل بأن الاسم غير المسمى ، وإن كان الاسم عبارة عن ذات الشيء والمسمى أيضا ذات الشيء كان معنى قولنا الاسم نفس المسمى هو أن ذات الشيء نفس ذات الشيء ، وهذا مما لا يمكن وقوع النزاع فيه بين العقلاء ، فثبت أن الخلاف الواقع فى هذه المسألة إنما كان بسبب أن التصديق ما كان بالتصور ، وهذا القدر كاف فى هذه المسألة.
وكان اللائق بالعقلاء أن لا يجعلوا هذا الموضع مسألة خلافية ، بل هاهنا دقيقة يمكن أن ـ