باب
فى معنى قوله تعالى :
(وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها)
اعلم أن سبب نزول هذه الآية أن رجلا من المشركين سمع النبي صلىاللهعليهوسلم والمسلمين يدعون الله تعالى مرة ، ويذكرون الرحمن الرحيم مرة ، فقال : ما باله ينهانا عن عبادة الأصنام وهو يدعو إلهين اثنين ، يقول مرة الله ، ومرة الرحمن ، فأنزل الله تعالى : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) وأراد به ولله التسميات ، ولذلك قال الحسنى : وهى تأنيث الأحسن ، ففى الآية دليل على أن الاسم هو المسمى فى قوله : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) لأنه لو كان الاسم غير المسمى لوجب أن تكون الأسماء لغير الله تعالى ، وفى الآية تعلق أيضا لمن قال : إن الاسم غير المسمى حيث قال : (الْأَسْماءُ الْحُسْنى) وهو سبحانه واحد والأسماء جمع ، فلا بد من صرف اللفظ عن الظاهر إلى المجاز.
فلهذا قلنا : إن المراد به ولله التسميات ، ووصف أسمائه بالحسنى يرجع إلى ما تتضمنه وتدل عليه من صفات العلو ونعوت العظمة والكبرياء ، أو إلى ما يستحقه الذاكر والداعى له بتلك الأسماء من جزيل الثواب وحسن المآب.
وقوله جل ذكره (وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ) أى أعرضوا عن أهل الإلحاد فى دينه ، يريد : لا تسلكوا سبيلهم ولا توافقوهم على طريقهم وخالفوهم فى مذاهبهم.
ومعنى الإلحاد : الزيغ والذهاب عن السنن المستقيم والميل عن الطريق القويم ، ومنه اللحد فى القبر ، والإلحاد فى أسماء الله تعالى على وجهين :