باب
فى معنى اسمه تعالى
٥ ـ المؤمن (١)
جل جلاله
المؤمن : اسم من أسمائه تعالى ، ورد به نص القرآن الكريم ، ومعناه المصدق ، فإن حقيقة الإيمان فى اللغة هو التصديق ، ومعناه فى وصفه تعالى تصديقه لنفسه ، وهو علمه سبحانه وتعالى بأنه صادق ، ويكون تصديقه لعباده هو علمه بأنهم صادقون ، ويكون أيضا بمعنى تصديقه بوعده ووعيده ، وهو أن يفعل ما وعد به وأوعد ، فعلى هذا يكون من صفات فعله ، ويكون معنى المؤمن من الأمان الّذي هو الإجارة ، يقال : أمنه يؤمنه إذا أجاره ، وذلك إذا أعطى الأمان لمن استعاذ به ، فيكون هذا من صفات فعله ، فالعبد يؤمن بالله سبحانه ، والحق تعالى يؤمّن العبد.
ومن آداب من تحقق بهذا الاسم أن يخلص فيما يثبت من هذه التسمية فيصدق فى إيمانه ، وصدقه فى الإيمان تحققه بالدلائل والبرهان ، ثم ينظر فيما قال الناس فى معنى هذه الصفة التى هى إيمان العبد فيأتى بجميع ما قيل فى
__________________
(١) هو الّذي يعزى إليه الأمن والأمان بإفادته أسبابه وسده طرق المخلوق ولا يتصور أمن إلا فى محل الخوف ، ولا خوف إلا عند إمكان العدم والنقص والهلاك ، والمؤمن المطلق هو الّذي لا يتصور أمن وأمان إلا ويكون مستفادا من جهته ، وهو الله تعالى ، وليس يخفى أن الأعمى يخاف أن يناله هلاك من حيث لا يرى ، فالعين البصرية تفيده أمنا منه ، والأقطع يخاف آفة أنه لا تندفع إلا باليد ، فاليد السليمة أمان منها ، وهكذا جميع الحواس والأطراف.