فصل : البر بالشيوخ والأساتذة :
واعلم أن بر الأصاغر من التلامذة للشيوخ والأساتذة يجب أن يكون أكثر من برهم بوالديهم ، فإن الأب يحمى ولده عن آفات الدنيا ، والشيخ يحمى تلميذه عن آفات الآخرة ، والأب يربى ولده بنعمته والشيخ يربى تلميذه بهمته.
سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السلمى يقول : سمعت الأستاذ أبا سهل الصعلوكى يقول : من قال لأستاذ : لا ، لم يفلح أبدا.
يحكى عن أبى الحسن العلوى أنه قال : كنت تلميذا لجعفر بن نصير ، رحمهالله تعالى ، فكنت ليلة عنده ، وكنا علقنا طيرا فى التنور فى البيت ، وكان قلبى مع ذلك الطير ، فقال لى الشيخ جعفر : بت عندنا الليلة فاعتللت بعلة ، ورجعت إلى البيت ، قال : فأخرج الطير من التنور ووضع بين يدى ، وكان باب الدار مفتوحا فدخل كلب فأخذ الطير ومر ، وعثرت الخادم بالجرداب قصبته ، وأكلت الخبز بلا إدام ، فتغير قلبى واستوحشت ، فأصبحت ودخلت على جعفر ، فلما وقع بصره قال : من لم يحفظ قلوب المشايخ سلط الله عليه كلبا يؤذيه.
سمعت الشيخ أحمد بن يحيى ، وكان كبير الشأن يقول : من حفظ حق أستاذه وشيخه لا يكافأ فى حياة الشيخ ، لئلا يسقط تعظيم الشيخ من قلبه ، ومن لم يحفظ حرمة شيخه لا يعاقب فى حياة الشيخ ، لأن لهم بهم رحمة وشفقة ، فتداخلهم الشفقة عليهم ، بل ينتقم الله سبحانه منهم ويكافئهم بعد موت شيوخهم ، ونعوذ بالله من سوء الخاتمة.