باب
فى معنى اسمه تعالى
٣٨ ـ المقيت (١)
جل جلاله
قال الله تعالى : (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً) (٢) فالمقيت بمعنى المقتدر ، وقيل : إنه بمعنى الحفيظ ، هذا قول أصحاب المعانى ، وقيل : المقيت الاسم من أقاته يقيته ، يقال : قاته وأقاته إذا أعطاه قوته ، وفى الحديث : «كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت» وروى : «من يقيت» والقوت ما به استقلال النفس ، ويكون قواما لها وسبب بقائها ، وأن الله سبحانه جعل أقوات العباد والحيوانات من المخلوقين والمخلوقات مختلفة ، فمنهم من جعل قوته المأكولات والمشروبات ، على حسب اختلافهما فى الأجناس والأصناف المطعومات ، ومنهم من جعل قوته فى التسبيح والطاعات كالملائكة الذين هم سكان الأرضين والسماوات ، وأنه خص بنى آدم بأن جعل قوتهم أطيب الأشياء
__________________
(١) المقيت : خالق الأقوات وموصلها إلى الأبدان ، وهى الأطعمة ، وإلى القلوب ، وهى المعرفة ، فيكون بمعنى الرزاق ، إلا أنه أخص منه ، إذ الرزق يتناول القوت وغير القوت ، والقوت ما يكتفى به فى قوام البدن ، وإما أن يكون بمعنى المستولى على الشيء القادر عليه والاستيلاء يتم بالقدرة والعلم ، وعليه يدل قوله تعالى : (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً) أى مطلعا قادرا ، فيكون معناه راجعا إلى القدرة والعلم ، ويكون بهذا المعنى وصفه بالمقيت أتم من وصفه بالقادر وحده وبالعلم وحده ، لأنه دال على اجتماع المعنيين ، وبهذا يخرج هذا الاسم على الترادف.
(٢) النساء : ٨٥.