فصل : آداب من تحقق باسمه تعالى السلام :
ومن آداب من تحقق بهذا الاسم أن يعود إلى مولاه بقلب سليم (١) ، والقلب السليم هو الخالص من الغل والغش والحسد والحقد ، ولا يضمر للمسلمين إلا كل خير وخلوص ، وكل صدق ونصح ، ويحسن الظن بكافتهم ويسىء الظن بنفسه ، فيلاحظ أحواله بعين الازدراء ، وأقواله بعين الافتراء ، يعتقد أنه شر الخلق ، كما قيل : إنه إذا رأى من هو أكبر منه سنا قال : هذا خير منى ، لأنه أكثر منى طاعة وعرف الله قبلى ، وإن رأى من هو دونه فى السن قال : هو خير منى لأنه أقل منى معصية.
وقد قال بعض المشايخ : إذا ظهر لك من أخيك عيب فاطلب له سبعين بابا من العذر ، فإن اتضح لك عذر ، وإلا فعد على نفسك باللوم وقل : بئس الرجل أنت حيث لم تقبل سبعين عذرا من أخيك.
وحكى عن معروف الكرخى أنه مر بإنسان يتصدق بماء وهو يقول : رحم الله من يشرب ، فأخذ معروف ذلك الماء وشرب ، فقيل له : أليس كنت صائما؟ قال : بلى ، كنت نويت أن أصوم ولكن قلت : دعوة مسلم لعلها تستجاب.
ومن أمارات من يكون سليم القلب أن ينصح المسلمين ولا ينطوى لهم على سوء وحيلة تخفى ، ويدعو لهم بظهر الغيب ، وبحسن إليهم ويظلم نفسه وينتصف لهم ولا ينتصف منهم.
__________________
(١) كل عبد سلم عن الغش والحقد والحسد واردة الشر قلبه وسلم عن الآثام والمحظورات جوارحه وسلم عن الانتكاس والانعكاس صفاته فهو الّذي يأتى الله بقلب سليم ، وهو السلام من العباد القريب فى وصفه من السلام المطلق الحق الّذي لا مثنوية فى صفته ، ومعنى الانتكاس فى صفاته أن يكون عقله أسير شهوته وغضبه ، إذ الحق عكسه ، وهو أن تكون الشهوة والغضب أسير العقل وطوعه فإذا انعكس فقد انتكس ولا سلامة ، حيث يصير الأمير مأمورا ، والملك عبدا ، ولن يوصف بالسلام والإسلام إلا من سلم المسلمون من لسانه ويده ، فكيف يوصف به من لم يسلم هو من نفسه.