تقول ولى عبدان هما سيداك ، قال : ومن هما ، قال : الحرص والأمل ، فقد غلبتهما وغلباك، وملكتهما وملكاك.
وقال بعض أهل الإشارة فى معنى قوله تعالى : (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ) (يوسف : ١٠١) أنه أراد بهذا الملك علو النفس حيث امتنع من مراودة امرأة العزيز.
وقد حكى عن بعضهم أنه قال : كنت أمر بعسفان فوقع بصرى على امرأة جميلة فمال إليها قلبى فاستعنت بالله واتقيت ومررت ، فلما نمت تلك الليلة رأيت يوسف ، عليهالسلام ، فى المنام ، فقلت : أنت يوسف ، فقال : نعم ، فقلت : الحمد لله الّذي عصمك من امرأة العزيز ، فقال لى : والحمد لله الّذي عصمك من العسفانية.
فصل : معرفة المتوحد بالملك تنفى التذلل للمخلوق :
ومن عرف أنه المتوحد بالملك أنف أن يتذلل لمخلوق ، لأن المعرفة بمالكه توجب التجرد له فى التقرب إليه وقصده.
وفى معناه ما حكى عن الساجى فى فصل ما يقول : أيجمل بالحر المريد أن يتذلل للعبيد وهو يجد من مولاه ما يريد.
وقال بعضهم : من عرف الله لم يحتمل غنج (١) المخلوقين ولا فتنهم.
وحكى عن بشر الحافى أنه قال : رأيت أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه فى النوم فقلت له : عظنى يا أمير المؤمنين ، فقال لى : ما أحسن عطف الأغنياء على الفقراء طلبا للثواب ، وأحسن من ذلك تيه الفقراء على الأغنياء ثقة بالله ، فقلت : زدنى يا أمير المؤمنين ، فقال :
قد كنت ميتا فصرت حيا |
|
وعن قريب تصير ميتا |
عز بدار الفناء ليت |
|
فابن بدار البقاء بيتا |
__________________
(١) أصل الغنج الدلال من المرأة قد تبدى التمنع وهى راغبة.