باب
فى معنى اسميه تعالى
٣٥ ، ٣٦ ـ العلى (١) الكبير (٢)
جل جلاله
هما اسمان لله تعالى ورد بهما القرآن والإجماع ، قال الله تعالى : (فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ) (٣) وليس علوه علو جهة ولا اختصاصا ببقعة ولا هو كبير بعظم جثة وكثرة بنية ، بل العلى وصفه وهو استحقاقه لنعوت الجلال والكبرياء نعته ، وهو استجابة لصفات الكمال ، ولم يزل الله تعالى عليا ، ومن
__________________
(١) العلى : هو الّذي لا رتبة فوق رتبته ، وجميع المراتب منحطة عنه ، وهو الّذي علا عن الدرك ذاته ، وكبر عن التصور صفاته ، وقيل : هو الّذي تاهت الألباب فى جلاله ، وعجزت العقول عن وصف كماله.
(٢) هو ذو الكبرياء ، والكبرياء عبارة عن كمال الذات الّذي هو كمال الوجود ، وكمال الوجود ، يرجع إلى شيئين :
أحدهما : دوامه أزلا وأبدا ، وكل وجود مقطوع بعدم سابق أو لاحق فهو ناقص ، ولذلك يقال للإنسان إذا طالت مدة وجوده أنه كبير ، أى كبير السن طويل مدة البقاء ، ولا يقال عظيم السن ، والكبير يستعمل فيما لا يستعمل فيه العظيم ، فإن كان ما طال مدة وجوده مع كونه محدود مدة البقاء كبيرا فالدائم الأزلى الأبدى الّذي يستحيل عليه العدم أولى بأن يكون كبيرا.
والثانى : أن وجوده هو الوجود الذي يصدر عنه وجود كل موجود ، فإن كان الّذي تم وجوده فى نفسه كاملا وكبيرا ، فالذى حصل منه وجود جميع الموجودات أولى بأن يكون كاملا وكبيرا.
(٣) غافر : ١٢.