قول المشايخ فى كلمة التوحيد : (لا إله إلا الله):
وأما أقاويل المشايخ فى هذه الكلمة فقد قال بعضهم : إنه نفى ما يستحيل كونه وإثبات ما يستحيل فقده ، ومعنى هذا أن يكون الشريك له سبحانه محالا ، وتقدير العدم لوجوده مستحيلا (١).
وقال بعض المشايخ : مجيبا لمن قال له : لم تقول : الله الله ولا تقول : لا إله إلا الله؟ فقال : نفى العيب حيث يستحيل العيب عيب.
وكان الدقاق رحمة الله تعالى يقول : إنما قول : لا إله إلا الله لاستصفاء الأسرار عن الكدورات ، لأنه إذا قال العبد : لا إله إلا الله صفا قلبه وحضر سره ليكون فى ورود قوله الله على قلب منقى وسر مصفى (٢).
وقال رجل للشبلى : يا أبا بكر ، لم تقول : الله الله ولا تقول : لا إله إلا الله؟ فقال : لا أنفى له ضدا ، فصاح وقال : أريد أعلى من ذلك ، فقال : أخشى أن أوخذ فى وحشة الجحد ، فقال الرجل : أريد أعلى من ذلك ، فقال : قال الله تعالى (قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) (٣) فزعق الرجل وخرجت روحه ، فتعلق أولياء الرجل بالشبلى وادعوا عليه دمه وحملوه إلى الخليفة ، فخرجت الرسالة إلى الشبلى من عند الخليفة فسألوه عن دعواهم ، فقال
__________________
(١) لا إله يرجى فضله ، ويخاف عدله ، ويؤمن جوره ، ويؤكل رزقه ، ويترك أمره ، ويسأل غفره ، ويرتكب نهيه ، ولا يحرم فضله إلا الله الّذي هو رب المؤمنين ، وغفار ذنوب المذنبين ، وملجأ التائبين ، وستار المعيبين ، وغاية رجاء الراجين ، ومنتهى مقصد العارفين.
(٢) قول العبد : لا إله إلا الله ، إشارة المعرفة ، والتوحيد بلسان الحمد ، والتسديد إلى الملك الحميد ، فإذا قال العبد : لا إله إلا الله فالمعنى : لا إله إلا والنعماء والقدرة والبقاء والعظمة والسناء والعز والثناء والسخط إلا لله الّذي هو رب العالمين ، وخالق الأولين والآخرين ، وديان يوم الدين.
(٣) الأنعام : ٩١.