العبد قائلا فى الحقيقة : لا إله إلا الله ، إذا كان قائلا بقلبه ، لأن الكلام المخلوق محله القلب ، وذلك معلوم من مذهب أهل الحق (١) وكذلك من طريقة أهل اللغة ، قال الأخطل:
إن الكلام لفى الفؤاد وإنما |
|
جعل اللسان على الفؤاد دليلا |
وإنما يكون قائلا : لا إله إلا الله بقلبه إذا كان عارفا بربه.
وكل الناس يحملون قوله صلىاللهعليهوسلم : «من قال لا إله إلا الله» مخلصا» على أنه أراد أنه إذا مات على الإخلاص ، وأهل الإشارة قالوا إذا كان مخلصا فى مقالته كان داخلا فى الجنة فى حالته ، قال الله تعالى : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) (٢) قيل جنة معجلة وهى حلاوة الطاعات ، ولذاذة المناجاة والاستئناس بفنون المكاشفات ، وجنة مؤجلة هى فنون المثوبات وعلو الدرجات.
ولقد أحسن من قال : لا وحشة مع الله ، ولا راحة مع غير الله ، قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «لا راحة للمؤمن من دون لقاء الله» وأن العارف لا جلوة له إلا فى خلوته ولا راحة له إلا فى مناجاته على بساط قربته ، قال قائلهم :
إذا تمنى الناس روحا وراحة |
|
تمنيت أن ألقاك يا عز (٣) خاليا |
__________________
ـ وكفى بك شهيدا ، وأشهد حملة عرشك وملائكتك ، وجميع خلقك ، بأنى أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك ، لا شريك لك ، وأشهد أن محمدا عبدك ورسولك إلا كتب الله له به صكا من النار».
(١) قيل : إذا كان آخر الزمان لم يكن لشيء من طاعتهم فضل لفضل لا إله إلا الله ، لأن صلاتهم وصيامهم يشوبها أنواع من الرياء والسمعة ، ولا إخلاص فى شيء منها ، أما كلمة : لا إله إلا الله فهى ذكر الله ، والمؤمن لا يذكرها إلا عن تصميم القلب.
(٢) الرحمن : ٤٦.
(٣) أصلها : يا عزة ، فرخّم بحذف الحرف الأخير من الاسم فى النداء.