باب
فى معنى اسمه تعالى
٣٠ ـ الخبير (١)
جل جلاله
الخبير : اسم من أسمائه ورد به الكتاب وهو بمعنى العليم ، وخبرت الشيء أخبره فأنا به خبير ، واختبرته أى خبرته ، والخبير فى غير هذا الموضع زبد أفواه الإبل ، والخبير الأكار ، والمخابرة اكتراء الأرض ببعض ما يخرج منها ، وهو مأخوذ من الخبر ، والخبير أيضا العذق ، ويقال : خبرت خبرا أى علمت ووجدته خبرة إذا تلوته وجربته ، وقد يكون الخبير فى وصفه تعالى بمعنى المخبر ، وفعل بمعنى المفعل كثير فى كلام العرب ، ويكون العليم والخبير من صفات ذاته.
فإذا علم العبد أنه خبير بأحواله فبالحرى أن يكون متصاونا فى أقواله وأفعاله
__________________
(١) الخبير : هو الّذي لا تعزب عنه الأخبار الباطنة ، ولا يجرى فى الملك والملكوت شيء ، ولا تتحرك ذرة ولا تسكن ولا تضطرب نفس ولا تطمئن إلا ويكون عنده خبره ، وهو بمعنى العليم ، لكن العلم إذا أضيف إلى الخفايا الباطنة سمى خبرة ، وسمى صاحبها خبيرا.
أما العبد فلا بد وأن يكون خبيرا بما يجرى فى عالمه الّذي هو قلبه وبدنه ، والخفايا التى يتصف القلب بها من الغش والخيانة ، والتطواف حول العاجلة وإضمار الشر وإظهار الخير ، والتجمل بإظهار الإخلاص مع الإفلاس عنه ، هذه أشياء لا يعرفها إلا ذو خبرة بالغة قد خبر نفسه ومارسها وعرف مكرها وتلبيسها وخدعها فحاذرها ، وتشمر لمعاداتها ، وأخذ الحذر منها ، فذلك من العبيد جدير بأن يسمى خبيرا.