عن غيرهم ، فخرجت فلم ألبث أن سمعت أنهم يقولون : إنه يهودى ، فدخلت عليه وأخبرته فتبسم ، ثم إنهم قصدوا السلطان ليسعوا به فركبوا الزورق ، فنظر إليهم ذو النون وحرك شفتيه فكادوا يغرقون ، ثم إنهم تابوا إليه وتضرعوا فقبل عذرهم.
وإن من لم ينتقم لنفسه انتقم الله له ، ومن لم ينتصر لنفسه انتصر الله له.
فصل : من أمارات ولايته لعبده :
ومن أمارات ولايته لعبده يديم توفيقه حتى لو أراد سوءا أو قصد محظورا عصمه عن ارتكابه ، أو لو جنح إلى تقصير فى طاعته أبى إلا توفيقا له وتأييدا ، وهذا من أمارات السعادة ، وعكس هذا من أمارات الشقاوة ، ومن أمارات ولايته أيضا أن يرزقه مودة فى قلوب أوليائه ، فإن الله سبحانه ينظر إلى قلوب أوليائه فى كل وقت ، فإذا رأى لعبد فى قلوبهم محلا نظر إليه باللطف ، وإذا رأى همة ولى من أوليائه فى شأن عبد ، أو سمع دعاء ولى فى شأن شخص يأبى إلا الفضل والإحسان إليه ، بذلك أجرى السنة الكريمة.
يحكى عن بعضهم أنه قال : رأيت منصور بن عمار فى المنام ، فقلت له : ما فعل الله بك؟ قال : أقامنى بين يديه وقال : يا مشغب ، أنت المشغب لو لا أنك كنت تثنى عليّ فى بعض مجالسك فمر بك ولىّ من أوليائى فاستحسن ثناءك عليّ فاستوهبك منى فوهبتك له وإلا لعذبتك.
وسمعت الدقاق يقول : لو أن وليا من أولياء الله مر ببلدة للحق بركات مروره أهل تلك البلدة حتى تعمهم كلهم ، قال الله سبحانه : (وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) (١) فأولياؤه يكونون فى العز فى دنياهم وعقباهم ، جعلنا الله منهم بمنه ورحمته.
__________________
(١) الشورى : ٤٦.