أى يحبهم ، وأخبر الله تعالى عن نبيه يوسف أنه قال : (أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ)(١).
وقال بعض أهل الإشارة : لما علم الله تعالى تقاصر ألسنة المذنبين وعلم أن فى هذه الأمة من ارتكب الذنوب وليس لهم جسارة الدعوى بدأهم بجميل فعله فقال عز من قائل : (نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ) فشتان بين عبد يقول : أنت وليى ، وبين عبد يقول له الحق : (نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ) لا نقدم الواحد منا على رتبة نبى ولكن الرفق بالضعفاء أكثر والفضل منهم أقرب ، ولو لم تكن فى القرآن آية فى هذا الباب غير قوله : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) (٢) لكفى بذلك شرفا لهم وذخرا.
واعلم أن العبودية بالعبد لسبب وولاية الله سبحانه له ابتداء ، فالسبب لم يكن ، وما من الحق لك لم يزل ، فلأن يكون إذلالك ـ بمعنى لم يزل ـ خير لك من أن يكون حما لك ـ بمعنى لم يكن.
فصل : ومن علامات من يكون الحق سبحانه وليه أن يصونه ويكفيه فى جميع أحواله وشئونه ، فيغار على قلبه أن يتعلق بمخلوق فى دفع ضر أو جلب نفع ، بل يكون القائم على قلبه فى كل نفس ، فيحقق آماله عند إشاراته ، ويعجل له مآربه عند خطراته.
يحكى عن يوسف الرازى أنه قال : دخلت على ذى النون المصرى يوما فقال : إيش يقول الناس فىّ؟ فقلت : يقولون : إنه زنديق ، فقال : الأمر سهل حيث لم يقولوا : إنه يهودى ، فإن الناس تنفر قلوبهم عن اليهود أكثر مما تنفر
__________________
(١) يوسف : ١٠١.
(٢) محمد : ١١.