ولزم الفقر ، قال : فما احتاج ذلك الرجل فى دنياه قط إلى شيء ، وكان إذا أراد شيئا فتح له فى الوقت.
وقيل : من حفظ الله فى جوارحه حفظ الله تعالى عليه قلبه ، لا ، بل من حفظ لله حقه فقد حفظ الله حظه.
حكى عن بعض الصالحين أنه وقع بصره يوما على محظور فقال : إلهى ، إنما أريد بصرى هذا لأجلك ، فإذا صار سببا لمخالفة أمرك فاسلبنيه ، قال : فعمى الرجل ، وكان يقوم بالليل ويصلى ، فغاب ليلة من الليالى من كان يعينه علي الطهارة ، فقال : إلهى إنما قلت : خذ بصرى لأجلك ، فالليلة أحتاج إليه لأجلك فرده عليّ قال : فعاد إليه بصره ، فكان يبصر بعد العمى.
وحكى أن اللص دخل حجرة رابعة العدوية ، وكان النوم أخذها فأخذ اللص ملاءتها فخفى عليه باب الحجرة ، فوضع الملاءة فأبصر الباب ، فرفع الملاءة ثانية فخفى عليه الباب ، فلم يزل يفعل ذلك مرات ، فهتف به هاتف : ضع الملاءة فإنا نحفظها لها ولا ندعك تحملها ، وإن كانت هى نائمة.
وهذا تحقيق الحفظ ، ومن هذا الباب قصة أم موسى عليهالسلام لما رجعت إلى الله بصدق التوكل انظر كيف ألقى فى قلبها وكيف ألهمها حيث قال عز ذكره : (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِ) إلى قوله : (مِنَ الْمُرْسَلِينَ) (١) انظر كيف ربط على قلبها وكيف حفظ لها ولدها وكيف رده إليها.
وفى بعض الحكايات أن امرأة تصدقت برغيف فأخذ السبع ولدها ونوديت : لقمة بلقمة ، إنك تصدقت لأجلنا برغيف فرددنا ولدك ، فإنه حافظ ما استودع وراحم من استرحم وبالله التوفيق.
__________________
(١) القصص : ٧.