على محمد صلىاللهعليهوسلم وضمن حفظه على أمته بقوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (١) ، فلا جرم عصم الله الأمة عن تبديل الكتاب حتى لو أخطأ مخطئ فى حركة من حركات حروف القرآن أو سكون لنادى ألف ألف صبى بتخطئته ، فضلا عن القراء ، فشتان بين أمة استحفظهم الله كتابه فحرفوا وبدلوا ، وبين أمة حفظ عليهم الكتاب فبقوا مع الحق ووصلوا.
ومن حفظه سبحانه لأوليائه صيانة عقائدهم فى التوحيد عن اكتفائهم بالتقليد وتحقيق العرفان فى أسرارهم بجميل التأييد ، وليس كل الحفظ أن يحفظ عبدا بين الملاء عن البلاء ، وإنما الحفظ أن يحفظ قلبا عن خلوص المعرفة بين الأهواء حتى لا يزال عن الطريقة المثلى ولا يجد إلى البدع والهوى.
قال الله تعالى : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) (٢) وأن الله تعالى قيض الملائكة ووكلهم بحفظ بنى آدم من البلاء والآفات حتى إذا قعدوا وقاموا أو انتبهوا وناموا تقلبوا فى حفظه وحراسته وتصرفوا على حكم رعايته.
قال الله تعالى : (قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ) (٣) فهو الّذي يحفظ نفسك ومالك ودينك وحالك وقوتك وعيالك ، إذ لو رفع كل رعايته عن أسبابك لهلكت.
سمعت الشيخ أبا على الدقاق يقول : ورث بعض الصالحين عن مورث له عشرة آلاف درهم فقال : إلهى إنى محتاج إلى هذه الدراهم ، ولكن لست أحسن حفظها فأدفعها إليك لتردها عليّ وقت حاجتى ، فتصدق بتلك الدراهم
__________________
(١) الحجر : ٩.
(٢) إبراهيم : ٢٧.
(٣) الأنبياء : ٤٢.