__________________
ـ يحمل عليها قول من قال : الاسم نفس المسمى ، وهو أن العقلاء اتفقوا على أن لفظ الاسم اسم لكل ما يدل على معنى من غير أن يكون دالا على زمان معين ، ولا شك أن لفظ الاسم كذلك ، فليزم من هاتين المقدمتين أن يكون الاسم مسمى بالاسم ، فهاهنا الاسم والمسمى واحد قطعا ، إلا أن فيه إشكالا وهو : أن اسم الشيء مضاف إلى الشيء وإضافة الشيء إلى نفسه محال ، فامتنع كون الشيء الواحد اسما لنفسه ، فهذا حاصل التحقيق فى هذه المسألة. ولنرجع إلى الكلام المألوف فنقول : الّذي يدل على أن الاسم غير المسمى وجوه :
الحجة الأولى : أسماء الله تعالى كثيرة والمسمى ليس بكثير ، فالاسم غير المسمى ، إنما قلنا أسماء الله كثيرة لوجوه :
أحدها : قوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) (الأعراف : ١٨٠).
وثانيها : قوله صلىاللهعليهوسلم : «إن لله تسعا وتسعين اسما».
وثالثها : قوله تعالى : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) (٨) (طه).
وأما أن المسمى بهذه الأسماء ليس بكثير فهو متفق عليه.
فثبت أن الأسماء كثيرة وأن المسمى ليس بكثير ، وكانت الأسماء مغايرة للمسمى لا محالة.
فإن قيل : لا نسلم أن الأسماء كثيرة ، وما ذكرتم من القرآن والخبر محمول على كثرة التسميات لا على كثرة الأسماء ، سلمنا أن الأسماء كثيرة لكن لا نسلم أن المسمى واحد ، لأن المفهوم من الخالق حصول الخلق ، والمفهوم من الرازق حصول الرزق ، وبين المفهومين فرق.
والجواب عن الأول من وجوه :
أحدها : أن المذكور فى القرآن والخبر إثبات الأسماء الكثيرة ، إلا إذا بين الخصم أن التسمية غير المسمى ، وأن المراد من الأسماء المذكورة فى هذه النصوص التسمية ، لكن كل ذلك عدول عن الظاهر.
وثانيها : أن المفهوم من التسمية وضع الاسم للمسمى ، فلو كان الاسم هو المسمى لكان وضع الاسم للمسمى عبارة عن وضع الشيء لنفسه ، وذلك غير معقول.
وثالثها : أن المعقول هاهنا أمور ثلاثة : ذات الشيء ، وهذه الألفاظ المخصوصة ، وجعل هذه الألفاظ المخصوصة معرفة لتلك المعانى المخصوصة بالوضع والاصطلاح ، أما ذات ـ