أولياءه مختلفون ، فمنهم من يتقدم بجهده وعبادته ويتكلف أن لا يتخلف عن أشكاله فى مرافقته.
سمعت الدقاق يقول : رئى بعضهم مجتهدا فقيل له فى ذلك ، فقال : ومن أولى منى بالجهد وأنا أحتاج أن ألحق بالأبرار والكبار من السلف ، قال الله تعالى : (وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ) (١) وفى معناه أنشدوا :
السباق السباق قولا وفعلا |
|
حذر النفس حسرة للسبوق |
سمعت الدقاق يقول فى يوم عيد ، وقد اجتمع الناس فى المصلى : لو قيل لى : إن واحدا من هؤلاء يرى الله تعالى قبلك غدا لزهقت نفسى ، وقوم لم يروا لأنفسهم استحقاق التقدم وكانت همتهم السلامة فحسب.
وقال بعضهم فى مناجاته : إلهى إنى أعلم أنى لا أستوجب تلك الدرجات ولكن سترا من النار.
وقال يحيى بن معاذ : العارف شريف الطلب ، قيل له : وما شرف طلبه؟ قال لا يجاوز بهمته طلب المغفرة ، قال الله تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) (٢) ثم قال تعالى : (وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا) (٣).
يحكى عن ابن المبارك أنه خرج يوما على أصحابه ، فقال : تجاسرت البارحة على الله فسألته الجنة.
__________________
(١) المطففين : ٢٦.
(٢) آل عمران : ١٤٦.
(٣) آل عمران : ١٤٧.